تريز رزق الله

غاب الممثل العملاق أنطوان كرباج عن الأضواء، منذ حوالى العشر سنوات، وحين تم الإعلان عن وفاته في 16 آذار/مارس هذا العام، شكل الخبر صدمة لمحبيه وزملائه وعائلته. حضور أنطوان كرباج لا يتكرر، وصورته وصوته لا يمكن محوهما من الذاكرة، إن كان على خشبة المسرح، أو على الشاشة الصغيرة أو الكبيرة، أو حتى في الإذاعة.
توفي أنطوان كرباج قبل أقل من أسبوعين ليوم المسرح العالمي، الذي صادف في 27 آذار/مارس، فبادر مسرح المدينة إلى تكريمه، برعاية وزير الثقافة غسان سلامة، وتخلل الإحتفال معرض ملصقات من تاريخ المسرح اللبناني لـ عبودي أبو جودة، وعرض فيلم قصير عن الممثل الراحل.
أنطوان كرباج رائد المسرح، والذي عمل مع العديد من المخرجين والكتّاب، من بينهم الأخوين رحباني، وذلك في عدة مسرحيات، فكان الملك إلى جانب الملكة فيروز، حتى حين إنحنى أمامها في مسرحية "بترا" كان ملكاً، فهو حالة إستثنائية لا تتكرر، وسيبقى حاضراً في قلوب الناس، وستكون مسيرته التمثيلية مادة دسمة في معهد الفنون.

الوزير غسان سلامة

افتتحت حفل التكريم الفنانة جاهدة وهبة منشدة النشيد الوطني اللبناني، ثم ألقى الوزير سلامة كلمته، مستذكراً أعمال أنطوان كرباج، وعبّر عن فرحه بجيل الشباب من الممثلين، بعد غياب الوزير عن لبنان، والذي إستمر 20 عاماً. وقارن بين الممثل على الخشبة والممثلين في الوزارات، في إشارة منه إلى أداء بعض السياسيين في وزاراتهم.

نضال الأشقر

أهدت الممثلة والكاتبة والمخرجة نضال الأشقر، أمسية الإحتفال بيوم المسرح العالمي إلى روح أنطوان كرباج وصوته الطاغي. وحيّت بيروت بالقول: "سلام عليكِ يا بيروت.. سلام على كل مسرح في فلسطين.. مسرح الحكواتي.. ومسرح جنين.. ومسرح غزّة لو كان مقفلاً.. سلام عليك يا كرباج وعلى آلك وأصدقائك وزملائك"، وخصّت بالتحية كل من ساهم في تأسيس المسرح اللبناني وبالاسم، بدءاً من منير أبو دبس.

100قصيدة

ألقى وليد أنطوان كرباج كلمته بإسم العائلة، ووصف والده بالأب الحنون والمحب، وروى إلى أي مدى تعلق والده باللغة العربية وبلبنان والشعر، وقال إنه حين أصيب والده بمرض الزهايمر، كان لا زال يتذكر حوالى الـ 100 قصيدة يتلوها أمامهم حين يزورونه. وصف وليد كرباج تعابير وجه والده، كيف كانت تشع حين يسمع ردة أو زجل، وختم بغصة: "الستارة سكّرت وداعاً بيي لتلتقي جمهورك التاني ناطرك هونيك لور (الأديبة والرسامة لور غريّب زوجته) وآخرين".

خالد العبدالله

شارك الفنان خالد العبد الله بالأمسية، وقدم "أيها الميت فوق الخشبة.. رسمت وجهك أزهار الطريق"، وبعده قدم Beirut Physical Lab عرضاً راقصاً. ثم غنت السوبرانو غادة غانم، قصيدة من كلمات إبراهيم شحرور وألحان مسعد غانم، وهي قصيدة بالعامية عن أحد منهمك بتوضيب حقيبة سفره، جاء فيها: "ضحكة ولادي بشنطي ضبيت تأطعم عيوني إذا جاعو".
قدمت مجموعة من الممثلين منمنمات تاريخية للأديب والمسرحي الراحل سعدالله ونوس من إعداد نضال الأشقر. وختام الأمسية أحيته شعراً وغناء الفنانة جاهدة وهبة، وغنت "طلع البدر علينا" بمشاركة الجمهور. و"اهو اللي صار" للموسيقار سيد درويش، وألقت قصيدة "وأنت تعدّ فطورك فكّر بغيرك".


موقع الفن إلتقى الممثلة والكاتبة والمخرجة نضال الأشقر، والفنانة جاهدة وهبة، ونقيب الممثلين نعمة بدوي والفنانة تانيا قسيس، وكان لنا معهم هذه الحوارات.

نضال الأشقر

ما هو شعوركِ بهذه المناسبة؟

اليوم يوم المسرح العالمي، وقرر مسرح المدينة تكريم أنطوان كرباج، وذكرت كل الأصدقاء الذين رافقوه من ممثلين كبار زينوا المسرح اللبناني، وتواجدوا لسنوات طويلة. ونأمل بوجود معالي الوزير غسان سلامة، تحقيق تقدم لأن المسارح مستمرة بالمجهود الخاص، ونأمل خيراً بالوزير غسان سلامة، لأنه مثقف ويقدّر قيمة المسرح.

هل تطلعينا على حادثة طريفة حصلت مع أنطوان كرباج؟

شاركنا معاً في مسلسل، ولم نلتقِ أبداً حتى بمشهد واحد، فإستاء أنطوان وطالب الكاتب قائلاً: "معقولة انو ما منلتقي أنا ونضال، أكتب لنا مشهداً"، فقال له الكاتب: "كيف أكتب مشهداً مع نضال؟ أنت في لبنان وهي موجودة في كندا، وين بدكن تلتقوا؟ أنطوان كرباج كان إنساناً خلوقاً.

على ماذا تشكرينه؟

أشكره على وجوده في المسرح، وعلى كل ما قام به، وعلى كل المسرحيات التي شارك فيها، والتي تفرّد بها ولم يستطع أحد أن ينجز ما أنجزه. كان ممثلاً وإنساناً متميزاً.

جاهدة وهبة

ما الذي خسره المسرح بعد رحيل أنطوان كرباج؟

أستاذ أنطوان نحترمه ونعزه، فهو عمود من أعمدة المسرح، وترك أثراً كبيراً، وكان ملهماً للجيل الجديد، وصوته كان مهماً جداً، وعدا كوني بنت المسرح، يعنيني صوته وحضوره. برحيله خسرنا قامة كبيرة، لكننا لم نخسر أثره، وسيبقى ساكناً في الأجيال.

ما هي نشاطاتك الجديدة؟

خلال الحـ ـرب الأخيرة، قمت بجولة إلى الخارج لمساعدة لبنان وطلاب المعهد الوطني، ونأمل خيراً بوزارة الثقافة لننهض بالمشهد الفني. وحين طلبت مني السيدة نضال المشاركة بتكريم أنطوان كرباج، لبيت الدعوة، بالرغم من التدريبات التي نقوم بها في المعهد الوطني، وذلك لأن لبنان يستحق ذلك.

ماذا عن يوم المسرح العالمي؟

أنا إبنة المسرح وخريجة المسرح، ولدي شهادة دراسات عليا في الإخراج، وهذا اليوم يعني لي، لاسيما أن الجيل الجديد هو همنا الكبير، لأن ذاكرته وذوقه تهشما، ولا يتاح له التواصل مع الجيل المخضرم لتبادل الخبرات.

نعمة بدوي

ماذا يقول النقيب عن هذه المناسبة؟

خسرنا قيمة مسرحية كبيرة قبل أيام من يوم المسرح العالمي، أنطوان كرباج هو مرادف للمسرح اللبناني، فقد تمكن من مواكبة كل المخرجين والمسرحيين الكبار، من منير أبو دبس، مروراً بـ يعقوب الشدراوي وغيره، وكان أنطوان كرباج رقماً صعباً في المسرح اللبناني، ونادراً ما نشهد ممثلاً مسرحياً يبدأ مسيرته ملكاً، ويستمر ملكاً طوال حياته، وحتى في غيابه ما زال حضوره آسراً. خلال فترة مرضه كان غائباً عن الصورة، ولكنه حاضر في الحركة المسرحية بالصورة الثقافية للبلد. رحيله خسارة كبيرة للبنان، لكن أنطوان كرباج القيمة الفنية الكبيرة، ستبقى راسخة وخالدة في قلوبنا وضمائرنا، لأن الفنان لا يموت. أنطوان كرباج كان قدوة، وحين وقف إلى جانب فيروز الملكة كان ملكاً، حتى لو كان دوره "حرامي".
وبالنسبة إلى يوم المسرح العالمي، فأقول كل عام وأهل المسرح بألف خير، لأن المسرح هو الواحة الكبيرة للحرية، حيث نتنفس بحرية مطلقة، وهو مدرسة إجتماعية أخلاقية وإبداعية.

تانيا قسيس

ما رأيك بهذا الإحتفال؟

أنطوان كرباج ترك بصمة من خلال الأعمال التي قدمها، وغيابه لمدة عشر سنوات قبل وفاته كان مؤلماً. لا أستطيع أن أضيف شيئاً على ما قيل، فالإحتفال كان ملفتاً من حيث التنويع، فقد تضمن شعراً ورقصاً، وغناءً مع جاهدة وهبة وغادة غانم وخالد العبدالله، وهذا يعيدنا إلى الفن اللبناني الأصيل. كلمة الوزير سلامة حملت الأمل، وكلمة وليد كرباج كانت مؤثرة جداً.

ماذا عن أعمالكِ الجديدة؟

بمناسبة عيد البشارة، أطلقت نسخة جديدة من أنشودة "Islamo-Christian AVE"، مزينة بالابتهال الإسلامي "مولاي"، الذي أداه معن زكريا.
من أعمالي الجديدة أغنية من كلمات وألحان نبيل خوري، وأغنية باللهجة المصرية من ألحان عمرو مصطفى، أطلقهما قريباً، وستكون لي حفلات في الصيف المقبل، وسيُعرض عمل سجلته في دبي مع دي جي رودج على الشاشات اللبنانية بمناسبة ذكرى الحرب اللبنانية.