في الصفحة الأخيرة من الجريدة اليومية مكعّبات صغيرة، سوداء وبيضاء، تتعايش جنباً إلى جنب، بانتظار من يخطّ كلماتٍ مخفية في ما بينها، حتّى يصبح لوجودها معنى.
مثلنا تماماً، 'بلوكات طائفية'، تتصنّع التعايش جنباً إلى جنب. مهما أنكرنا هذه الحقيقة، إلاّ أنّها أصبحت معجونة بوجدان كلّ لبناني يصارع هذا المجتمع. بلوكات بيضاء، يتخلّلها أُخرى سوداء وُجدت لضرب 'العيش المشترك' فيما بيننا. من إسرائيل وأدواتها، إلى التكفيريين وأخواتها، إلى كل من هو 'فاتح على حسابو'.
الكلّ يدور في الفلك المخصّص له، وإن تعدّى أحد على 'بلوك' غيره، لرأيته يستنجد بقبيلته التي سرعان ما تهبّ لنجدة كرامة البلوك الخاصّ بها. ندور في حلقات مفرغة رسمها 'الغريب' وهو يراهن على البلوكات السوداء التي تتوالد يوماً بعد يوم.
يمسك هذا 'الغريب' بآخر الصفحة مستهزئاً، وهو يخطّ أحرفه بين البلوكات. يضحك مليّاً وهو يملؤ فراغنا بما تحلو له أصابعه.
أمّا نحن؟
فنحن مجرّد بلوكات صغيرة، جامدة في أماكنها، وُجدت لتسلية هذا 'الغريب' في أوقات فراغه. هنا وُضعنا، مكعبات فارغة استلقت مرهقة في أسفل آخر الصفحة من الجريدة اليومية.